الاثنين، 17 يناير 2011

كلمة الرياض: والقذافي يعترض!

يوسف الكويليت: تداعيات أحداث تونس حركت المياه الراكدة في طول وعرض الوطن العربي والعالم، فإذا كانت ثورة الخميني سميت بثورة «الكاسيت» فإن الحركة التونسية جاءت في ظل وسائل الاتصال المرئية والرقمية لتخلق أنموذجاً جديداً لغضب الجماهير..

 الرئيس الليبي معمر القذافي، هو الداعية لثورة الجماهير باعتبارها الخيار الشرعي للتعبير عن الإرادة الوطنية، خالف هذه المرة السلوك التونسي بأنه استعجل إزاحة الرئيس زين العابدين، بينما الأكثر غرابة أنه يتهم -ما عدا النهج الليبي- بالرجعية بما فيها الجمهوريات ويأتي رد الفعل احتجاجاً مشوباً بالخوف لانتقال الحركة الشعبية لدول الجوار بما فيها ليبيا إذا لم يعد ضباط الجيش هم من يختارون اللحظة التي ينقلبون فيها على الحكم، بل جاء التعبير الشعبي ليخالف تلك الأساليب، والرئيس القذافي أكثر من يعي كيف تصنع الأدوار، فقد بارك معظم الثورات الشعبية والانقلابات ذات الصبغة المعادية للامبريالية، لكن التفريق والرؤية عند الشعوب لم تعد تستهويها شتم نظام سياسي وهو يرى الثقوب في ثوب سلطته؛ لأن تحقيق العدالة لا يأتي بالرسائل والدعوات مردهم أن النظام شعبي يلتقي مع مطالب الجماهير بينما القمع البوليسي هذا الطاغي على معظم النظم العربية، عندما استغلت مواردها في عبث تصدير الثوراث والدعوات للتمرد والتسلح الذي يكون رافداً لقوة السلطة على حساب الشعب عندما يحتكر الوظائف والامتيازات بدعوى أنه حامي الوطن بينما الحقائق كشفت أن الجيوش العربية أدوات قمع وتسلط، وسبب في الهزائم الحربية..

 القذافي، بنقده الواقع المستجد في تونس، أعطى إشارات عن خلافه التام مع الشعب التونسي لصالح سلطته التي لم يضعها القذافي على مشرحة التحليل الموضوعي عن الأسباب والدواعي التي انفجرت فيها القرية ليعم السعير كل البلد، وبتوافق تام من شرائح الشعب المختلفة، لولا أن الفساد تعدى الحدود إلى الانفجار، والشعوب لم تعد ساذجة أو مبايعة لمن يغتال إرادتها طالما الحقوق تنتزع ولا تمنح بمنّة من سلطة سلطوية..

 كل اعتقد أن ليبيا بثوريثها، أول من تقر حقوق شعب ثار على سلطته لأسباب عبر عنها بالسر والعلن وتؤيدها لأنها تعبر عن خطها ونهجها الثوري، والغرابة تزول عندما نعلم أن الحرب عن المنجز التقني الذي وسع دائرة العلاقات بين الأمم والشعوب، وغيّر معالم السياسات إلى المطالب الشرعية، هو السلاح السري الخطير الذي أدى إلى أنه لا حواجب وستر أمام كشف ما تخبئه السلطات القمعية، وبالتالي فإن الحجب واحتكار المعلومة لم تعد وسيلة ناجحة أمام تدفق المعلومات وانتشارها.

 صحيفة الرياض السعودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق