الجمعة، 3 ديسمبر 2010

إختراق أمريكي لخصوصيات القذافي من خلال راهبة ثوريّة

مقدّمة:
حسب علمي ومتابعتي، لم يعلن أحد من رؤساء الدول في منطقتنا (منطقة الشرق الأوسط) ردّ فعله الشخصي عمّا ورد في وثائق (ويكيليكس) المسرّبة، إلاّ إثنان: (نيتنياهو) الذي عبّر عن إمتنانه لأن ليس في الوثائق ما يؤذي إسرائيل، بل إنها كشفت أن دول الجوار (يعني الخليج وغيره) في موقف واحد من معاداة إيران يسبب تهمة تسلّحها النووي. وهو في ذلك كان صادقا كرهنا أو أحببنا! والثاني كان العقيد القذّافي، الذي عبّر هو أيضا في حديث الدائرة المغلقة الذي أجراه يوم 2 ديسمبر الجاري مع مدرّسي وطلبة كلية لندن للإقتصاد - بفضل ما دفعه أبنه سيف لها من أموال طائلة حتى نال منها درجة الدكتوراه وربطها بفلك جماهيريتهم - عبّر عن تأييده لنشر الوثائق، لأنه كما قال:"أنا مع الحرية، وضد حجب الأفكار. والموقع 'ويكيليكس' مفيد في كشف المناورات والأكاذيب وما يجري خلف الكواليس ضد الشعوب، وفضح النفاق العالمي والضحك فوق الطاولة بينما الأيادي تلدغ وتلسع تحتها'، وبعد تشفّيه من الزعماء العرب الذين تناولتهم الوثائق قال: 'لا علم لي إن كان الموقع نشر أي وثائق عن ليبيا. ولكن إن سمعتم أو قرأتم حول ليبيا في الوثائق فأنا مستعد للحديث معكم حولها'. قال هذا الكلام في العاصمة التي كانت صحفها الكبرى ولا تزال سبّاقة في كشف فضائحه وفضائح أولاده. وهي أيضا عاصمة اللجنة الدوليّة لحقوق الإنسان العليمة بمدى احترامه للإنسان الليبي في سجن أبوسليم واحترامه لحريّاته السياسية والإعلاميّة! ناهيك عن التظاهرات الأسبوعيّة التي قام ويقوم بها فيها رجال ونساء وأطفال المعارضين الليبيين الشرفاء، موضّحين لممثلي الملايين في شوارعها حقيقة جرائمه أللاّإنسانيّة. وبما أنه لم يقرأ ولم يسمع بما نقله (ويكيليكس) عن سفير أمريكا، (وليس ما كتبه الموقع، كما قال القذافي متوهّما أنه يستطيع مقاضاته!) فإننا، بعد مانشر في العالم أجمع (دون علم القذّافي!)عن علاقته الغراميّة بالممرضة الأكرانيّة، وفضيحة الخطر الكارثي بسبب عرقلة إبنه لعمليّة التخلّص من النفايات النوويّة في تاجوراء، نترجم هنا وثيقة أخرى كتبها السفير الأمريكي الذي ما يزال معتمدا لديه، إلى وزارة خارجيّته بواشنطن بتاريخ 18/11/2009. على أننا سنواصل إن شاء الله ترجمة ونشر بقيّة ما كُشف عنه من تقارير، لعلّه يقرأ كما تمنّى على المستمعين إليه في الكليّة الإنجليزيّة.
((في يوم 4 نوفمبر 2009 قام مواطن أمريكي من (لاس فيجاس) يعمل في الإستشارات الإستثماريّة، بمقابلة السفير في طرابلس لكي يتبادل معه الآراء حول خبرته في مجال الأعمال في ليبيا. وأدلي إليه بالمعلومات الآتية:
• إستطاع أن يخترق الدائرة الضيّقة المحيطة بالقذافي عن طريق علاقة شخصية ربطته بأقرب حارسة من حارسات القذافي وأطولهن مدّة في خدمته، وهي المدعوّة مبروكة الشارف (ملاحظة: مبروكة في الأربعينات من العمر، ويعتبرها طاقم السفارة الذراع الأيسر للقذّافي، بينما نوري المسماري الذراع الأيمن). وقال المستثمر إنه تعرّف على مبروكة أثناء زيارته الأولى في أوائل 2009 بصفته ممثلا لرجل أعمال سعودي أمريكي كان على اتصال وثيق منذ مدّة طويلة مع موظفي مراسم القذّافي وجهازه. ومنذ ذلك الوقت مهدّت له مبروكة سبل الإتصال مع القذّافي شخصيّا في عدّة مناسبات، بل استطاعت أن ترتّب له مقابلة القذّافي عند زيارته لنيويورك في سبتمبر. وقال المستثمر إن موظفي جهاز القذافي هم الذين يوجّهون إليه الدعوة للحضور إلى ليبيا، ولذلك لا تعترضه أية مشكلة في الحصول على تأشيرة الدخول، بل إنه أثناء معظم زياراته الأخيرة، لم يستدع الأمر الحصول على تأشيرة، إذ رتّب موظفو جهاز القذّافي مع شركات الطيران بأن توضع ملاحظة على تذكرة حجز رحلته تفيد بأنه سينال التأشيرة عند وصوله إلى المطار الليبي. وفي الحقيقة خلال رحلتيه الأخيرتين إلى ليبيا أخذ موظفو القذّافي جوازه بعد الوصول إلى المطار، واحتفظوا به ثم أعادوه إليه أثناء المغادرة.
• حسب أقوال المستثمر وكذلك من خلال إتصالات موظفي السفارة، فإن مبروكة هي ضمن فريق من ثلاث (مساعدات مراسم) يُحيطن بالقذّافي وهنّ: سناء الغنّودي (تتحدُث الإنجليزيّة بطلاقة، وهي في الثلاثينات من العمر) وحوّاء التاورغي (المولودة سنة 1952، وكانت في السابق - حسب معلومات طاقم السفارة - رئيسة فريق حارسات القذّافي من النساء). وتعتبر مبروكه الأعلى رتبة في فريق الأمازون كما تطلق عليهم الصحف العالميّة، وتملك غالبا حريّة الدخول على القذّافي، ولهذا إستطاع المستثمرر مقابلته في عدة مناسبات، بينما كانت مقابلاته للأعضاء الآخرين في النظام محدودة.
• روى المستثمرر عدّة نوادر عن طريقة حياة الرئيس الليبي (وصف سكنه في العزيزيّة مثل الجدران والبلاط ولباس الخدم المدني وبدلته الرياضية). ولاحظ أن القذافي يستبدّ به الإرتياب من الذين حوله بمن فيهم المترجمون. وأضاف المستثمر أن القذافي كان يتحدثّ معه بالإنجليزيّة ببطء وبصوت منخفض. وسرد شيئا من أفكار القذّافي قبل رحلته إلى نيويورك، واصفا شخصيّته بأن له فضولا طفوليا، فقد سأله مثلا: "ما هي الأمكنة في نييورك التي عليّ في رأيك أن أشاهدها؟" و"هل واشنطن بعيدة من نييورك؟ وهل تعتقد أنه سيكون لدي وقت لأزورها؟". واعتقد المستثمر أن دور مبروكة في نييورك كان حمائيّا للقذافي، فهي استطاعت أن تحميه من التقارير الصحفيّة السلبيّة أثناء الزيارة، ومن المعلومات التي تسئ إليه أو تثير غضبه. وأضاف :على الرغم من أن ميروكة لم ترافق القذافي في كل نشاطاته في نيويورك، إلاّ أنه كان يطلب منها مرارا النصائح حول جدول أعماله وتحرّكاته. ولاحظ أن القذّافي كان متضايقا من كثافة برنامج الرحلة في نييورك، وأنه سأل مبروكة أن تنصحه عن أي إجتماع يجب أن يلغيه وفي أي يوم.
• قال المستثمر إن القذّافي كان مسرورابأدائه في الجمعيّة العامة للأمم المتحدة وبزيارته الأولى لأمريكا: "لقد لقد أفرغ ما في جعبته لمدة ثلاثين سنة"، وتمكّن أخيرا من أن يقول رأيه من على المسرح العالمي. لقد شعر بالحاجة إلى أن يفصح عما في نفسه، وأن ينفّس عن إحباطه من الموضوعات التي كانت ترهقه، وتشمل أفكاره عن إغتيال الرئيس كنيدي. وقد أعطته الحكومة الأمريكية الفرصة لفعل ما كان يريد فعله منذ سنين كثيرة، ألا وهو مخاطبة المجموعة الدوليّة حول مواقفه وشعوره تجاه شؤون العالم.
• لقد ختم هذا المستثمر الأمريكي برواية محاولاته منذ أوائل 2009 في البحث عن صفقات لعملائه، وتعرّف على محمّد ليّاس رئيس مؤسّسة الإستثمارات، ولكنه لم يحصل منه إلاّ على وعود للتعاون. وفي النهاية سحب عرضا كان قد وعده به بتنفيذ مشروع كان يأمل فيه القذّافي؛ وهو بناء "مدينة صحيّة" في طرابلس لتستقطب الرعاية الصحيّة في الإقليم.
وأخيرا علّق السفير بالقول: "إن تجربة المستثمر الأمريكي في ليبيا أكّدت أهميّة العلاقات الشخصيّة وسط هذا النظام المصمت. وعلى الرغم من أنه لم يحقّق الصفقة التجارية التي سعى إليها مع الليبيين، إلاّ أن إستثمار علاقته مع القذّافي قد يثمر بشرط ألاّ يقع في العثرات.
تعليق وتساؤل:
من عرض هذه الوقائع المثيرة وغيرها كشفت عنها الوثائق، يتراءى لبعض الليبيين أنها معلومات عادية ومعروفة، ولا تستحق من سفير أقوى دولة في العالم جبروتا ونفوذا أن يهتمّ بها. ولكن الردّ على ذلك سهل ميسور، ففي عالم الدبلوماسيّة والعلاقات الدوليّة، من واجبات السفير أن ينقل إلى حكومته كلّ ما يترامى إليه أو يحصل عليه من معلومات حتى الإشاعات، وخاصة في بلدان الحكم الشمولي. وهناك تقارير أخرى تصاغ بالشفرة وأخرى بالإبلاغ الشفوي، وأخرى تعدّ من أجهزة الإستخبارات، وعن طريق الصحفيين ورجال الأعمال وشركات النفط والسوّاح إلخ.. وجميعها يجري تنقيحها وغربلتها في مراكز البحث الرسميّة والأكاديميّة والسياسية، لتقدّم إلى صانع القرار السياسي.
وهنا على القارئ أن يتساءل: كيف تمكّن هذا الزائر الأمريكي (النكرة)، وفي فترة ستة أشهر فقط، أن يدخل عرين ملك الملوك وأسد أفريقيا الهصور، مرارا وبكلّ سهولة، من خلال أخلص وأقرب (راهبة) ثوريّة؟ وما هي الوسائل السحريّة التي جعلتها مع غيرها من أعضاء جهاز (القائد) اللصيق به، يقدّمون إلى المواطن الأمريكي المذكور خدماتهم؟ ومن يجيب على التساؤل، يدرك حقيقة ليبيا اليوم وفي المستقبل القريب!.
مخضرم
عن ليبيا المستقبل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق