الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

حرب على كتب "التراث الإسلامي" ..لماذا؟


 تزايدت في الفترة الأخيرة الحرب على كتب التراث الإسلامي التي تحمل ثقافة الأمة ودينها بدعوى أنها كتب "سلفية متطرفة", وهي مرحلة أخرى من مراحل تجفيف المنابع التي تم إطلاقها منذ سنوات في محاولة لمواجهة المد الإسلامي المتزايد, ويقف في صدارة المحاربين عتاة العلمانيين داخل بعض الانظمة وذلك لمصلحة كتب الخلاعة والفساد.
والعجيب أن بعض المحاربين لكتب التراث من الليبراليين هم أكثر المدافعين عما يسمى حرية "الإبداع والفكر" وعندما يتم منع بعض الكتب المناوئة للدين والهادمة للأخلاق يشنون حملة شعواء على "محاكم التفتيش" في الوقت الذي يلوذون فيه بالصمت التام عند منع كتب التراث الإسلامي.
لقد صودرت مؤخرا كتب للشيخ المحدث ناصر الدين الالباني والشيخ يوسف القرضاوي في ليبيا بواسطة هيئة الاوقاف وهي كتاب "الإسراء والمعراج" للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وكتابين للدكتور يوسف القرضاوي، هما: "الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي"، و"بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية".
وقبل ذلك بوقت قصير انتقد وزير الثقافة المصري، فاروق حسنى في مؤتمر لأدباء مصر، "السلفية التي انتشرت في البلاد، وباتت كتبها في كل مكان ليس في المدارس فقط، وإنما انتشرت في البيوت والشوارع"، على حد وصفه. داعيا إلى "إنشاء لجنة للثقافة الدينية، تكون مهمتها وضع خطة للرد على التطرف".وكان الوزير المعروف بعدائه للتدين والمتدينيين قد استنكر مظاهر الحجاب التي انتشرت في شوارع مصر ووصفها "بالرجعية" مما أدى إلى المطالبة بعزله من منصبه لإنكاره لمعلوم من الدين بالضرورة وقد تمتع الوزير حينها بمؤازرة بعض المثقفين والكتاب العلمانيين خصوصا من اليساريين الذين قربهم إليه بشدة منذ وصوله للسلطة قبل أكثر من 20 عاما فيما عرف بسياسة "إدخال المثقفين للحظيرة" وهو تعبير شهير نقل عن الوزير.
كذلك شنت الجزائر، حملة كبيرة أواخر نوفمبر الماضي مستهدفة الكتب التراثية الواردة من الخارج للمعرض الدولي للكتاب الذي يقام سنويا في البلاد. وأصدرت تعليمات لموظفي الجمارك، والمسؤولين في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، ووزارة الثقافة بأن يلتزموا بمنع الكتب "السلفية". وقال محمد مولودي، ناشر ومستورد للكتب: "التعليمات الصادرة هذا العام.. كانت صارمة فيما يتعلق بمنع المطبوعات السلفية". وقامت مجموعة من موظفي الجمارك بتفيش أجنحة بيع المطبوعات في المعرض ومراجعة الكتب المعروضة للبيع في ضوء قائمة المنشورات المحظورة الموجودة لديهم. وقال أحد موظفي الجمارك: "يتضح لنا الأشخاص الذي يعيدون بيع الكتب.. فهم يحملون أكياسا ثقيلة مملوءة بالكتب"، وأضاف "مهمتنا هي ضبط الكتب وإعطاءهم نسخة واحدة من كل كتاب". وكانت الجزائر قد شهدت حملة عنيفة طوال الفترة الماضية ضد التيار السلفي بحجة أنه يؤيد الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة على الحكومة بعد إلغاء نتائج الانتخابات التي أوشك الإسلاميون على الفوز بها عام 1992 . رغم أن أنصار التيار السلفي نفوا تماما دعمهم للعنف وسعوا لإيقافه وتكريس المصالحة خوفا على استقرار البلاد, يقول الشيخ ابراهيم برقوقي: " ليس من الإنصاف القول بأننا نشكل خطرا على بلدنا، يجب أن يعترف الجزائريون بأننا بذلنا الكثير لنضع حدا للاقتتال بين المسلمين" في الجزائر, مضيفا:" أصدرنا الفتاوى التي أقنعت المسلحين بإلقاء أسلحتهم".
وقبل سنوات منعت وزارة الاوقاف الكويتية كتبا للشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ بن عثيمين بحجة أنها "قد تحدث بلبلة وشرخا في بنية المجتمع" قبل أن تتراجع بعد احتجاجات بعض النواب الإسلاميين. إن التركيز في المنع هو على كتب التراث الإسلامي والكتب التي تسير على نهجها, وليس جميع كتب التراث فهناك كتاب مثل ألف ليلة وليلة مثلا مليء بالخزعبلات والألفاظ الخادشة والمشاهد الجنسية وقد ووجه من طالب بمنعه بحملة تشويه كبيرة رغم صدرو حكم قضائي بذلك؛ مما يوضح أن المقصود من وراء ذلك فصل الأمة عن دينها وعن أصوله في ظل المطالبة بما يسمى "تجديد الخطاب الديني" حيث يتم تفصيل أحكام دينية تتناسب مع ما يريده الغرب والعلمانيون والحداثيون, والضرب بتفاسير وشروح الفقهاء بمن فيهم الأئمة الأربعة عرض الحائط, ويفتح ذلك الباب واسعا أمام من يدعو لإلغاء السنة والاكتفاء بالقرآن "باعتبارها تدخل في إطار التراث" و"الكتب الصفراء" و"يصعب التأكد من صحتها", على حد زعمهم. إنها خطوة في طريق تغريب المجتمعات الإسلامية ففي الوقت الذي يتم منع كتب التراث ووصمها "بالتطرف" يتم ترجمة كتب غربية ذات ثقافة مغايرة دون تمحيص ما فيها وملائمته لمجتمعاتنا مقارنة بما يحدث في الغرب الذين يعتنون أشد العناية بتراثهم ويعتبرونه دعامة للحفاظ على هويتهم.
لقد بدأت الحرب على بعض مظاهر التدين كالنقاب واللحية ووصفها "بالسلفية" والآن بدأت مرحلة جديدة لنسف الاصول التي يقوم عليها الدين تحت لافتة منع "الكتب التراثية التي تجرنا للخلف" فيا ترى ما هي المرحلة اللاحقة؟




تقرير خالد مصطفى
 المسلم نت



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق